لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ١٧٢
و يقال من قبل على محبوبه حديث أعدائه لقى ما لقى يعقوب فى يوسف.
عليهما السلام - من بلائه.
قوله جل ذكره :
[سورة يوسف (١٢) : آية ١٢]
أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَ يَلْعَبْ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (١٢)
يقال أطمعوا يعقوب عليه السلام فى تمكينهم من يوسف بما فيه راحة نفس فى اللعب، فطابت نفس يعقوب لإذهابهم إياه من بين يديه - وإن كان يشقّ عليه فراقه، ولكنّ المحبّ يؤثر راحة محبوبه على محبة نفسه.
ويقال لما ركن إلى قولهم :«وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ» - أي من قبلهم «١» - حتى قالوا :
«وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ» فمن أسلم حبيبه إلى أعدائه غصّ بتحسّى بلائه.
قوله جل ذكره :
[سورة يوسف (١٢) : آية ١٣]
قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَ أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَ أَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ (١٣)
يحزننى أن تذهبوا به لأنى لا أصبر عن رؤيته، ولا أطيق على فرقته... هذا إذا كان الحال سلامته.. فكيف ومع هذا أخاف أن يأكله الذئب؟! ويقال لما خاف عليه من الذئب امتحن بحديث الذئب، ففى الخبر ما معناه : إنما يسلط على ابن آدم ما يخافه. وكان من حقه أن يقول أخاف اللّه لا الذئب، وإن كانت محالّ الأنبياء عليهم السلام - محروسة من الاعتراض عليها.
ويقال لمّا جرى على لسان يعقوب - عليه السلام - من حديث الذئب صار كالتلقين لهم، ولو لم يسمعوه ما اهتدوا إلى الذئب «٢».
١) يرجع القشيري ما أصاب يعقوب من بلاء إلى ركونه إلى حفظ يوسف من قبل الخلق وأنه اطمأن لدعواهم مع أن الحفظ لا يكون إلا باللّه.
(٢) تفيد هذه النقطة فى إثبات كرامة الأولياء، وما يجرى على ألسنتهم من تنبؤ بما قد يحدث فى المستأنف على وجه الإجمال.