لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ١٧٦
لمّا نودى على يوسف فى مصر بالبيع لم يرض الحقّ - سبحانه - حتى أصابتهم الضرورة ومسّتهم الفاقة حتى باعوا من يوسف - عليه السلام - جميع أملاكهم، ثم باعوا كلّهم منه أنفسهم - كما فى القصة - وفى آخر أمرهم طلبوا الطعام، فصاروا بأجمعهم عبيده، ثم إنه عليه السلام لما ملكهم منّ عليهم فأعتقهم «١» فلئن مرّ عليه بمصر يوم نودى فيه عليه بالبيع فقد أصبح بمصر يوما آخر وقد ملك جميع أملاكهم، وملك رقاب جميعهم فيوم بيوم، قال تعالى :«فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً» يومان شتّان بينهما! ثم إنه أعتقهم جميعا... وكذا الكريم إذا قدر غفر.
قوله جل ذكره : وَ كَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ، وَ لِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ أراد من حسده ألّا تكون له فضيلة على إخوته وذويه، وأراد اللّه أن يكون له ملك الأرض، وكان ما أراد اللّه لا ما أراد أعداؤه.
قوله جل ذكره : وَ اللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ أرادوا أن يكون يوسف عليه السلام فى الجبّ، وأراد اللّه - سبحانه - أن يكون يوسف على سرير الملك فكان ما أراد اللّه، واللّه غالب على أمره.
(١) فى القصة «و باع من أهل مصر فى سنى القحط الطعام بالدراهم والدنانير فى السنة الأولى حتى لم يبق معهم شىء منها ثم بالحلى والجواهر فى الثانية تم بالدواب فى الثالثة تم بالعبيد والإماء فى الرابعة ثم بالدور والعقار فى الخامسة ثم باولادهم فى السادسة ثم برقابهم فى السابعة حتى استرقهم جميعا ثم أعتق أهل مصر ورد عليهم أملاكهم» النسفي ج ٢ ص ٢٢٨.