لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٢١٩
و الغفلة، فإذا كان العبد فى بسطة وتقريب، وكشف بالقلب وترقب.. فاللّه لا يغيّر ما بأنفسهم بترك أدب، أو إخلال بحق، أو إلمام بذنب.
ويقال لا يكفّ ما أتاحه للعبد من النعمة الظاهرة أو الباطنة حتى يترك ويغيّر ما هو به من الشكر والحمد. فإذا قابل النعمة بالكفران، وأبدل حضور «١» القلب بالنسيان وما يطيح به من العصيان. أبدل اللّه تعالى ما به من النعمة بالحرمان والخذلان، وسلبه ما كان يعطيه من الإحسان.
ويقال إذا توالت المحن وأراد العبد زوالها فلا يصل إليه النّفض «٢» منها إلّا بأن يغير ما هو به فيأخذ فى السؤال بعد السكوت، وفى إظهار الجزع بعد السكون، فإذا أخذ فى التضرع غيّر ما به من الصبر «٣».
قوله :«وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ» : يقال إذا أراد اللّه بقوم بلاء وفتنة فما تعلّقت به المشيئة لا محالة يجرى.
ويقال إذا أراد اللّه بقوم سوءا (...) «٤» أعينهم حتى يعملوا ويختاروا ما فيه بلاؤهم، فهم يمشون إلى هلاكهم بأقدامهم، ويسعون - فى الحقيقة - فى دمهم كما قال قائلهم :
إلى حتفى مشى قدمى إذا قدمى أراق دمى
قوله جل ذكره :
[سورة الرعد (١٣) : آية ١٢]
هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ يُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ (١٢)
كما يريهم البرق - فى الظاهر - فيكونون بين خوف وطمع خوف من إحباس المطر وطمع فى مجيئه. أو خوف للمسافر من ضرر مجىء المطر، وطمع للمقيم فى نفعه..
كذلك يريهم البرق فى أسرارهم بما يبدو فيها من اللوائح ثم اللوامع ثم كالبرق فى الصفاء، وهذه أنوار المحاضرة ثم أنوار المكاشفة.
(١) وردت (حصول) وقد آثرنا أن تكون (حضور) القلب حتى تقابل (النسيان).
(٢) يقال نقض فلان من مرضه أي برىء منه (الوسيط)
(٣) سيعود القشيري إلى الإجابة عن سؤالين : متى يجوز للعبد أن يشكو ويتضرع؟ وهل هذا آية نفاد صبره أم علامة ضعفه إزاء القوة الإلهية؟.. عند حديثه عن أيوب فى سورة الأنبياء.
(٤) مشتبهة وربما كانت لفظة بمعنى (أعمى)