لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٢٢
كما لا تجوز مجاوزة الحد فى وضع القدر لا تجوز مجاوزة الحد فى رفع القدر، وفى الخبر :
«أمرنا أن ننزل الناس منازلهم» فمن رأى من المخلوقين شظية من الإبداع أنزلهم منزلة الأرباب، وذلك - فى التحقيق - شرك، وما أخلص فى التوحيد من لم ير جميع الحادثات بصفاتها (....) «١» من اللّه.
«وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً : فمن رفع فى عقده مخلوقا فوق قدره فقد أشرك بربّه.
قوله جل ذكره :
[سورة التوبة (٩) : آية ٣٢]
يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ يَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (٣٢)
من رام أن يستر شعاع الشمس بدخان يوجهه من نيرانه، أو عالج أن يمنع حكم السماء بحيلته وتدبيره، أو يسقط نجوم الفلك بسهام قوسه - أظهر رعونته ثم لم يحظ بمراده.
كذلك من توهّم أن سنّة التوحيد يعلوها وهج الشّبه فقد خاب فى ظنّه، وافتضح فى وهمه.
قوله جل ذكره :
[سورة التوبة (٩) : آية ٣٣]
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣)
أزاح العلل بما ألاح من الحجج، وأزال الشّبه بما أفصح من النهج فشموس الحقّ طالعة، وأدلة الشرع لامعة، كما قالوا :
هى الشمس إلا أنّ للشمس غيبة وهذا الذي نعنيه ليس يغيب قوله جل ذكره :
[سورة التوبة (٩) : آية ٣٤]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَ الرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣٤)
(١) مشتبهة.