لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٢٣٠
و يقال إذا ذكروا أنّ اللّه ذكرهم استروحت قلوبهم، واستبشرت أرواحهم، واستأنست أسرارهم، قال تعالى :«أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ» لما نالت بذكره من الحياة، وإذا كان العبد لا يطمئن قلبه بذكر اللّه، فذلك لخلل فى قلبه، فليس قلبه بين القلوب الصحيحة.
قوله جل ذكره :
[سورة الرعد (١٣) : آية ٢٩]
الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ (٢٩)
طابت أوقاتهم وطابت نفوسهم.
ويقال طوبى لمن قال له الحقّ : طوبى.
طوبى لهم فى الحال، وحسن المآب فى المآل.
قوله جل ذكره :
[سورة الرعد (١٣) : آية ٣٠]
كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَ هُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَيْهِ مَتابِ (٣٠)
لئن أرسلناك بالنبوة إليهم فلقد أرسلنا قبلك كثيرا من الرسل، ولئن أصابك منهم بلاء فلقد أصاب من قبلك كثير من البلاء، فاصبر كما صبروا تؤجر كما أجروا.
قوله جل ذكره : وَ هُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَيْهِ مَتابِ لئن كفروا بنا فآمن أنت، وإذا آمنت فلا تبال بمن جحد، فإنّك أنت المقصود من البريّة، والمخصوص بالرسالة والمحبة.
لو كان يجوز فى وصفنا أن يكون لنا غرض فى أفعالنا.
ولو كان الغرض فى الخلقة فأنت سيد البشر، وأنت المخصوص من بين البشرية بحسن الإقبال «١»، فهذا مخلوق يقول فى مخلوق :
(١) هذه أقصى درجة فى التصور لشخصية الرسول صلوات اللّه عليه - في نظر هذا الصوفي.. قارن ذلك بأقوال باحت آخر كابن عربى أو الجبلي عن «الإنسان الكامل»، لتلحظ الفرق الهائل بين الاتجاهين.