لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٢٣٢
أنزل هذه الآية على جهة التسلية للرسول - صلى اللّه عليه وسلم - عما كان يلاقيه منهم.
وكما أن هؤلاء فى التكذيب جروا على نهجهم فنحن أدمنا سنّتنا فى التعذيب معهم.
قوله جل ذكره :
[سورة الرعد (١٣) : آية ٣٣]
أَ فَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَ صُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٣)
الجواب فيه مضمر أي أ فمن هو مجرى ومنشئ الخلق والمطّلع عليهم، لا يخفى عليه منهم شىء كمن ليس كذلك؟ لا يستويان غدا أبدا.
قوله جل ذكره : وَ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ قل لهم أرونى أي تأثير منهم، وأي نفع لكم فيهم، وأي ضرر لكم منهم؟ أ تقولون ما يعلم اللّه بخلافه؟ وهذا معنى قوله :«بِما لا يَعْلَمُ».
قوله جل ذكره : بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَ صُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ، وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ.
أي قد تبين لكم أن ذلك من كيد الشيطان، وزين للذين كفروا مكرهم، وصاروا مصدودين عن الحق، مسدودة عليهم الطّرق، فإنّ من أضلّه حكمه - سبحانه - لا يهديه أحد قطعا.
قوله جل ذكره :
[سورة الرعد (١٣) : آية ٣٥]
مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَ ظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ عُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ (٣٥)
المثل أي الصفة، فصفة الجنة التي وعد المتقون هى أنها جنة تجرى من تحتها الأنهار، وأكلها دائم وظلها دائم، أي أن اللذات فيها متصلة. وإنما لهم جنات معجلة ومؤجلة، فالمؤجّلة


الصفحة التالية
Icon