لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٢٤٤
قوله :«وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا» : والصبر على البلاء يهون إذا كان على رؤية المبلى، وفى معناه أنشدوا :
يستقدمون بلاياهم كأنهم لا ييأسون من الدنيا إذا قبلوا
قوله جل ذكره :
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ١٣]
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣)
لما عجز الأعداء عن معارضة الأنبياء عليهم السلام فى الإتيان بمثل آياتهم أخذوا فى الجفاء معهم بأنواع الإنذار، والتهديد بفنون البلاء من الإخراج عن الأوطان، والتشريد فى البلدان.
وبسط اللّه على قلوبهم بوعد نصره ولقائه ما أظلّهم من الأمر، ومكّن لهم من مساكن أعدائهم بما قوّى قلوبهم على الصبر على مقاساة بلائهم فقال :
«لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ»، وقال :
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ١٤]
وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَ خافَ وَعِيدِ (١٤)
«وَخافَ وَعِيدِ» : أي خاف مقامه فى محل الحساب غدا فأناب إلى نفسه على وجه التخصيص.
و يقال خاف مقامى أي هاب اطلاعى عليه، فالأول تذكير المحاسبة فى الآجل، والثاني تحقيق المراقبة فى العاجل.
قوله جل ذكره :
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ١٥]
وَاسْتَفْتَحُوا وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (١٥)
الاستفتاح طلب الفتح، والفتح القضاء، واستعجلوا حلول القضاء مثل قولهم :«إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ» «١» وغيره فلما نزل بهم البلاء، وتحقق لهم
(١) آية ٣٢ سورة الأنفال.