لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٢٤٦
قوله جل ذكره :
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ١٨]
مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٨)
أي وفيما يتلى عليك - يا محمد - مثل لأعمال الكفار فى تلاشيها، وكيف أنه لا يقبل شىء منها كرماد فى يوم عاصف، فإنه لا يبقى منه شىء - كذلك أعمالهم.
ومن كان كذلك فقد خاب فى الدارين، وحلّ عليه الويل.
قوله جل ذكره :
[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ١٩ الى ٢٠]
أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَ يَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٩) وَ ما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (٢٠)
خلق السماوات والأرض بالحكم الحق، أي له ذلك بحقّ ملكه، وخلقهما بقوله الحق فجعل كلّ جزء منهما على وحدانيته دليلا، ولمن أراد الوصول إلى ربّه سبيلا.
ثم قال : إن يشأ يذهبكم بالإفناء، ويأت بخلق جديد فى الإنشاء، وليس ذلك عليه بعزيز... وأنّى ذلك وهو على كل شىء قدير؟! قوله جل ذكره :
[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ٢١ الى ٢٢]
وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَ جَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ (٢١) وَ قالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَ وَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَ ما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَ لُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَ ما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٢)
لم يكونوا عن الحقّ - سبحانه - مستترين حتى يظهروا له، ولكن معناه صارت معارفهم ضرورية فحصلوا فى مواطن لم يكن لغير اللّه فيها حكم، فصاروا كأنهم ظهروا للّه.
فقال الضعفاء للذين استكبروا :«إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً» توهما أن يرفعوا عنهم شيئا من العناء، فأجابهم المتكبرون : إنّا جميعا فى العذاب مشتركون، ولو أمكننا أن نرفع عنكم من


الصفحة التالية
Icon