لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٢٤٩
لا مقطوعة ولا ممنوعة، وقلوب أهل الحقائق عنها لا مصروفة ولا محجوبة، وهى فى كل وقت ونفس تبدو لهم غير محجوبة.
وثمرات الشجرة أشرف الثمار، وأنوارها ألطف وأظرف الأنوار، وإشارات أهل هذه القصة وألفاظهم فى مراتبهم ومعانيهم كالرياحين والنّور.
ويقال الكلمة الطيبة هى الشهادة بالإلهية، وللرسول - صلى اللّه عليه وسلم - بالنبوة.
وإنما تكون طيبة إذا صدرت عن سرّ مخلص.
والشجرة الطيبة المعرفة، وأصلها ثابت فى أرض غير سبخة، والأرض السبخة قلب الكافر والمنافق، فالإيمان لا ينبت فى قلبيهما كما أن الشجرة فى الأرض السبخة لا تنبت.
ثم لا بدّ للشجرة من الماء، وماء هذه الشجرة دوام العناية، وإنما تورق بالكفاية، وتتورّد بالهداية.
ويقال ماء هذه الشجرة ماء الندم والحياء والتلهف والحسرة والأمانة والخشوع وإسبال «١» الدموع.
و يقال ثمرات هذه الشجرة مختلفة بحسب اختلاف أحوالهم فمنها التوكل والتفويض والتسليم، والمحبة والشوق، والرضا، والأحوال الصافية الوافية، والأخلاق العالية الزكية.
ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة هى كلمة الكفر، وخبثها ما صحبها من نجاسة الشّرك، فخبث الكلمة لصدورها عن قلب هو مستقرّ الشّرك ومنبعه.
والشجرة الخبيثة هى الشّرك اجتثّ من فوق الأرض لأن الكفر متناقض متضاد، ليس له أصل صحيح، ولا برهان موجب، ولا دليل كاشف، ولا علة مقتضية، إنما هو شبه وأباطيل وضلال، تقتضى وساوس وتسويلات ما لها من قرار، لأنها حاصلة من شبه واهية وأصول فاسدة.
قوله جل ذكره :
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٢٧]
يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ وَ يُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَ يَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ (٢٧)
(١) أسبلت العين - سال دمها (الوسيط ج ١ ص ٤١٧).