لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٢٦٦
النفوس أرض عبادة العابدين، وقلوب العارفين أرض المعرفة وأرواح المشتاقين أرض المحبة، والخوف والرجاء لها رواس. وكذلك الرغبة والرهبة.
ويقال من الرواسي التي أثبتها فى الأرض الأولياء فبهم يثبت الناس إذا وقع بهم الفزع.
و من الرواسي العلماء الذين بهم قوام الشريعة فعلماء الأصول هم قوام أصل الدّين، والفقهاء بهم نظام الشرع، قال بعضهم :
وا حسرتا من فراق قوم هم المصابيح والأمن والمزن.
قوله جل ذكره : وَ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ كما أنبت فنونا من النبات ذات أنوار «١» أنبت فى القلوب صنوفا من الأنوار «٢»، منها نور اليقين ونور العرفان، ونور الحضور ونور الشهود، ونور التوحيد.. إلى غير ذلك من الأنوار.
وَ جَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَ مَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ سبب عيش كلّ واحد مختلف فعيش المريدين من إقباله، وعيش العارفين التجمل بأفضاله «٣» قوله جل ذكره :
[سورة الحجر (١٥) : آية ٢١]
وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَ ما نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢١)
خزائنه فى الحقيقة مقدوراته، وهو - سبحانه - قادر على كل ما هو مرسوم بالحدوث.
ويقال خزائنه فى الأرض قلوب العارفين باللّه، وفى الخزانة جواهر من كل صنف فحقائق العقل جواهر وضعها فى قلوب قوم، ولطائف العلم جواهر بدائع المعرفة، وأسرار العارفين
(١) أنوار النبات جمع نورة وهى الزهرة البيضاء.
(٢) أنوار القلوب جمع نور.
(٣) وردت (أفعاله) وقد رجحنا (أفضاله) لأنها أدق في المعنى، وإن كان كلاهما صحيحا