لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٢٧٤
و لكنّ القلوب غير متقابلة إذ لا يشتغل بعضهم ببعض، قال تعالى :«وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ» «١» قوله جل ذكره :
[سورة الحجر (١٥) : آية ٤٨]
لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَ ما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ (٤٨)
أي لا يلحقهم تعب لا بنفوسهم ولا بقلوبهم. وإذا أرادوا أمرا لا يحتاجون إلى أن ينتقلوا من مكان إلى مكان، ولا تحار أبصارهم، ولا يلحقهم دهش، ولا يتغير عليهم حال عما هم عليه من الأمر، ولا تشكل عليه صفة من صفات الحق.
«وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ» أي لا يلحقهم «٢» ذلّ الإخراج بل هم بدوام الوصال.
قوله جل ذكره :
[سورة الحجر (١٥) : آية ٤٩]
نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩)
لمّا ذكر حديث المتقين وما لهم من علوّ المنزلة انكسرت قلوب العاصين، فتدارك اللّه قلوبهم، وقال لنبيّه - صلى اللّه عليه وسلم - أخبر عبادى العاصين أنى غفور رحيم، وأنى إن كنت الشكور الكريم بالمطيعين فأنا الغفور الرحيم بالعاصين.
و يقال من سمع قوله :«أَنِّي أَنَا» بسمع التحقيق لا يبقى فيه مساغ لسماع المغفرة والرحمة لأنه يكون عندئذ مختطفا عن شاهده، مستهلكا فى إنّيته.
قوله جل ذكره :
[سورة الحجر (١٥) : آية ٥٠]
وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ (٥٠)
العذاب الأليم هنا هو الفراق، ولا عذاب فوق الفراق فى الصعوبة والألم «٣».
قوله جل ذكره :
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٥١ الى ٥٢]
وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ (٥١) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (٥٢)
ألا عرّفهم كيف كانت فتوة الخليل فى الضيافة، وقيامه بحقّ الضيفان، وكان الخليل

_
(١) آية ٢٤ سورة الأنفال.
(٢) هنا وقع الناسخ فى خطأ التكرار إذ أعاد كتابة عبارات سابقة مما ورد بعد (لا يلحقهم تعب... إلخ) :
(٣) أي أن عذاب الفراق يفوق فى نظر الصوفية - عذاب الاحتراق.


الصفحة التالية
Icon