لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٢٧٨
الأسد إذ لفريسته يقهر. والحق - سبحانه - يطلع أولياءه على ما خفى على غيرهم.
وصاحب الفراسة لا يكون بشرط التفرس فى جميع الأشياء وفى جميع الأوقات بل يجوز أن تسدّ عليه عيون الفراسة فى بعض الأوقات كالأنبياء عليهم السلام فنبيّنا - صلى اللّه عليه وسلم - كان يقول لعائشة - رضى اللّه عنها - فى زمان الإفك :«إن كنت فعلت فتوبى إلى اللّه». وكابراهيم ولوط - عليهما السلام - لم يعرفا الرسل.
قوله جل ذكره :
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٧٨ الى ٨٤]
وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ (٧٨) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَ إِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ (٧٩) وَ لَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (٨٠) وَ آتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٨١) وَ كانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ (٨٢)
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (٨٣) فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٤)
أصحاب الأيكة هم قوم شعيب، وكان شعيب - عليه السلام - مبعوثا لهم فكذّبوه، فانتقمنا منهم.
قوله :«وَإِنَّهُما» يعنى مدين والأيكة... «لَبِإِمامٍ مُبِينٍ» : أي بطريق واضح من قصده (...) «١»
و كذلك أخبر أن أصحاب الحجر «٢» - وهم ثمود - كذبوا المرسلين إليهم، وأنهم أعرضوا عن الآيات التي هى المعجزات كناقة صالح وغيرها، وأنهم كانوا أخلدوا إلى الأرضين وكانوا مغترّين بطول إمهال اللّه إياهم من تأخير العقوبة عنهم، وكانوا يتخذون من الجبال بيوتا، ويظنون أنهم على أنفسهم آمنون من الموت والعذاب.
(١) مشتبهة.
(٢) الحجر واد بين المدينة، والشام. [.....]