لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٢٨١
قوله جل ذكره : وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ أدّبه حتى لا يتغير بصفة أحد، وهذه حال التمكين.
قوله جل ذكره : وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ أي ألن لهم جانبك. وكان عليه السلام إذا استعانت به الوليدة «١» فى الشفاعة إلى مواليها يمضى معها.. إلى غير ذلك من حسن خلقه - صلوات اللّه عليه - وكان فى الخبر : إنه كان يخدم بيته وكان فى (مهنة) أهله «٢». وتولّى خدمة الوفد، وكان يقول : سيد القوم خادمهم.
قوله جل ذكره :
[سورة الحجر (١٥) : آية ٨٩]
وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (٨٩)
لمّا لم يكن بنفسه وكان قائما بحقه - سبحانه وتعالى - سلّم له أن يقول : إنى وأنا.
وفى الخبر : أن جابرا دقّ عليه الباب، فقال : من؟ قال : أنا... فقال النبي عليه السلام :
«أنا أنا».. كأنه كرهها «٣» ويقال : قل لاحدّ لاستهلا كك فينا، سلّمنا أن تقول : إنى أنا، لما كنت بنا ولنا.
قوله جل ذكره
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٩٠ الى ٩١]
كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (٩٠) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (٩١)
أي قل إنى أنا لكم منذر بعذاب كالعذاب الذي عذّبنا به المقتسمين وهم الذين تقاسموا باللّه لنبيّه فى قصه صالح عليه السلام. وقيل هم من أهل الكتاب الذين اقتسموا كتاب اللّه فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه.
ويقال إنى لكم نذير أخوفكم عقوبة المقتسمين الذين اقتسموا الجبال والطرق بمكة فى الموسم، وصدوا الناس. وكان الواحد منهم يقول لمن مرّ به : لا تؤمن بمحمد فإنه ساحر، ويقول الآخر : إنه كاهن ويقول ثالث : إنه مجنون، فهم بأقسامهم :
الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ «٤»
(١) الوليدة - الجارية، قال طرفة :
فذالت كما ذالت وليدة مجلس ترى ربها أذيال سحل ممدد
(٢) عن الأسود بن يزيد : قال سئلت عائشة رضى اللّه عنها ما كان النبي (ص) يصنع فى بيته؟ قالت :
كان يكون فى مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج إليها (رواه البخاري).
(٣) الحديث جاء مضطرب الكتابة في النسختين وقد صححناه كما أورد النووي فى رياض الصالحين ط بيروت ص ٣٥١
(٤) عضين ج عضة وأصلها عضوة أي جزء، وعضوة فعلة من عضى الشاة إذا جعلها أعضاء وأجزاء وأقساما.