لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٣٢٧
إذا ندموا على قبيح ما قدّموا، وأسفوا على كثير مما أسلفوا وفيه أسرفوا، ومحا صدق عبرتهم آثار عثرتهم - نظر اللّه إليهم بالرحمة، فتاب عليهم إذا أصلحوا، ونجّاهم إذا تضرّعوا.
قوله جل ذكره :
[سورة النحل (١٦) : آية ١٢٠]
إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَ لَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٠)
قيل آمن باللّه وحده فقام مقام الأمة، وفى التفسير : كان معلّما - للخير - لأمة.
ويقال اجتمع فيه من الخصال المحمودة ما يكون فى أمة متفرقا.
ويقال لمّا قال إبراهيم لكلّ ما رآه :«هذا رَبِّي» ولم ينظر إلى المخلوقات من حيث هى بل كان مستهلكا فى شهود الحقّ، ورأى الكون كلّه باللّه، وما ذكر حين ذكر غير اللّه.. كذلك كان جزاء الحق فقال : أنت الذي تقوم مقام الكلّ، ففى القيام بحق اللّه منك على الدوام غنية عن الجميع.
و«الحنيف» : المستقيم فى الدّين، أو المائل إلى الحق بالكلية «١».
قوله جل ذكره :
[سورة النحل (١٦) : آية ١٢١]
شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَ هَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٢١)
الشاكر فى الحقيقة - من يرى عجزه عن شكره، ويرى شكره من اللّه عزّ وجل، لتحقّقه أنه هو الذي خلقه، وهو الذي وفّقه لشكره، وهو الذي رزقه الشكر، وهو الذي اجتباه حتى كان بالكلية له - سبحانه.
«وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» أي تحقّق بأنه عبده، وأنه رقّاه إلى محلّ الأكابر.
قوله جل ذكره :
[سورة النحل (١٦) : آية ١٢٢]
وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ إِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٢٢)
الحسنة التي آتاه اللّه هى دوام ما أتاه حتى لم تنقطع عنه.
(١) الحنيف - فى اللغة - من الأضداد - المائل والمستقيم (ابن الأنباري فى كتاب الاضداد)