لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٣٣٥
قوله جل ذكره :
[سورة الإسراء (١٧) : آية ٢]
وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ جَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً (٢)
أرسل موسى عليه السلام بالكتاب كما أرسل نبينا صلى اللّه عليه وسلم، ولكنّ نبيّنا - صلوات اللّه عليه - كان أوفى - سماعا، فإنّ الشمس فى طلوعها وإشراقها تكون أقرب ممن طلعت له من حقائقها.
قوله جل ذكره :
[سورة الإسراء (١٧) : آية ٣]
ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً (٣)
أي يا ذرية من حملنا مع نوح - على النداء.. إنه كان عبدا شكورا.
والشكور الكثير الشكر وكان نوح قد لبث فى قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، وكان يضرب فى كل (...) «١» كما فى القصة - سبعين مرة، وكان يشكر. كما أنه كان يشكر اللّه ويصبر على قومه إلى أن أوحى اللّه إليه : أنه لن يؤمن إلا من قد آمن، وأمر حين دعا عليهم فقال :«رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً «٢».
ويقال الشكور هو الذي يكون شكره على توفيق اللّه له لشكره، ولا يتقاصر عن شكره لنعمه.
ويقال الشكور الذي يشكر بماله، ينفقه فى سبيل اللّه ولا يدّخره، ويشكر بنفسه فيستعملها فى طاعة اللّه، ولا يبقى شيئا من الخدمة يدخره، ويشكر بقلبه ربّه فلا تأتى عليه ساعة إلا وهو يذكره.
قوله جل ذكره :
[سورة الإسراء (١٧) : آية ٤]
وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً (٤)
(١) مشتبهة.
(٢) آية ٢٦ سورة نوح ويكون المراد أنه لم يدع بإهلاكهم نتيجة نفاد صبره أو عدم شكره بل حسبما أمره اللّه، ولو وضعنا الفاصلة بعد (و أمر) يكون المعنى : إلا من قد آمن وأمر بالايمان. وهذا التأويل لا يتعارض مع المذهب العام للقشيرى، فكل شىء عنده بأمر اللّه وتوفيقه.