لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٣٤١
مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا»
: دلّ ذلك على أن الواجبات إنما تتوجّه من حيث السمع «١».
قوله جل ذكره :
[سورة الإسراء (١٧) : آية ١٦]
وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً (١٦)
إذا كثر أهل الفساد غلبوا، وقلّ أهل الصلاح وفقدوا فعند ذلك (يغمر) «٢» اللّه الخلق ببلائه، ولا يكون للناس ملجأ من أوليائه ليتكلموا فى بابهم، ولا فيهم من يبتهل إلى اللّه فيسمع دعاؤه، فيخترم «٣» أولياءه، ويبقى أرباب الفساد، وعند ذلك يشتدّ البلاء وتعظم المحن إلى أن ينظر اللّه تعالى إلى الخلق نظر الرحمة والمنّة.
قوله جل ذكره :
[سورة الإسراء (١٧) : آية ١٧]
وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَ كَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (١٧)
فى الآية تسلية للمظلومين إذا استبطأوا هلاك الظالمين، و(...) «٤» قصر أيديهم عنهم. فإذا فكّروا فيما مضى من الأمم أمثالهم وكيف بنوا مشيدا، وأمّلوا بعيدا..
فبادوا جميعا، يعلمون أنّ الآخرين - عن قريب - سينخرطون فى سلكهم، ويمتحلون بمثل شأنهم. وإذا أظلّتهم سحب الوحشة فاءوا إلى ظلّ شهود التقدير، فتزول عنهم الوحشة، وتطيب لهم الحياة، وتحصل الهيبة.
قوله جل ذكره :
[سورة الإسراء (١٧) : آية ١٨]
مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً (١٨)
(١) نظن أن القشيري يريد بذلك أن يرد على بعض أهل الكلام الذين يقولون إن اللّه يعذب الناس على ذنوبهم حتى ولو لم يبعث لهم رسولا لأن عقل الإنسان مطالب بالتكليف قبل سماع الرسل. [.....]
(٢) وردت (يعمر) بالعين والصواب أن تكون بالغين لأن السياق يتطلب ذلك.
(٣) وردت (فيحترم) بالحاء والسياق يتطلب أن اللّه (يخترم) أولياءه أي يأخذهم إليه.
(٤) مشتبهة، وترجح أنها كلمة تؤدى إلى معنى (و أحسوا) قصر أيديهم عن الظالمين.