لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٣٤٣
بالاستخلاص فقوم تفاضلوا بصدق القدم، وقوم تفاضلوا بعلوّ الهمم والتفضيل فى الآخرة أكبر : فالعبّاد تفاضلهم بالدرجات، قال صلى اللّه عليه وسلم :«إنكم لترون أهل علّيين كما ترون الكوكب الدرىّ فى أفق السماء وإن أبا بكر وعمر منهم» وأهل الحضرة تفاضلهم بلطائفهم من الأنس بنسيم القربة بما لا بيان يصفه ولا عبارة، ولا رمز يدركه ولا إشارة. منهم من يشهده ويراه مرة فى الأسبوع، ومنهم من لا يغيب من الحضرة لحظة، فهم يجتمعون فى الرؤية ويتفاوتون فى نصيب كلّ أحد، وليس كلّ من يراه يراه بالعين التي بها يراه صاحبه، وأنشد بعضهم «١» :
لو يسمعون - كما سمعت حديثها خرّوا لعزّة ركّعا وسجودا
قوله جل ذكره :
[سورة الإسراء (١٧) : آية ٢٢]
لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً (٢٢)
الذي أشرك باللّه أصبح مذموما من قبل اللّه، ومخذولا من قبل (من) «٢» عبده من دون اللّه.
قوله جل ذكره :
[سورة الإسراء (١٧) : آية ٢٣]
وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَ لا تَنْهَرْهُما وَ قُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً (٢٣)
أمر بإفراده - سبحانه - بالعبادة، وذلك بالإخلاص فيما يستعمله العبد منها، وأن يكون مغلوبا باستيلاء سلطان الحقيقة عليه بما يحفظه عن شهود عبادته «٣» وأمر بالإحسان إلى الوالدين ومراعاة حقّهما، والوقوف عند إشارتهما، والقيام بخدمتهما،
(١) البيت لكثير صاحب عزة.
(٢) سقطت (من) والسياق يتطلبها، والخذلان ناجم عن أنّ أي معبود غير اللّه لا يملك لمن يعبده نفعا ولا يدفع عنه ضرا.
(٣) فاخلاص العبد فى التحقق يحفظه عن التقصير فى أمور الشريعة.