لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٣٦٨
سنّة الحقّ - سبحانه - مع أحبائه وخواص عباده أن يديم لهم افتقارهم إليه، ليكونوا فى جميع الأحوال منقادين لجريان حكمه، وألا يتحرك فيهم عرق بخلاف اختياره، وعلى هذه الجملة خاطب حبيبه - صلوات اللّه عليه - بقوله :«وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ» :(فمن كان استقلاله باللّه يقدّم) «١» مراد سيده - فى العزل والولاية - على مراد نفسه.
قوله جل ذكره :
[سورة الإسراء (١٧) : آية ٨٧]
إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً (٨٧)
و المقصود (من هذا إدامة تفرّد سرّه) «٢» صلى اللّه عليه وسلم به - سبحانه - دون غيره.
قوله جل ذكره :
[سورة الإسراء (١٧) : آية ٨٨]
قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (٨٨)
(سائر الأنبياء) «٣» معجزاتهم باقية حكما، ونبيّنا - صلى اللّه عليه وسلم - معجزته باقية عينا، وهى القرآن (الذي نتلوه، والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه) «٤» ولا من خلفه.
قوله جل ذكره :
[سورة الإسراء (١٧) : آية ٨٩]
وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً (٨٩)
لا شىء أحظى عند الأحباب من كتاب الأحباب، فهو شفاء من داء الضنى، وضياء لأسرارهم عند اشتداد البلاء، وفى معناه أنشدوا :
و كتبك حولى لا تفارق مضجعى وفيها شفاء للذى أنا كاتم

_
(١)، (٢)، (٣)، (٤) مدونة في أعلى الورقة بعلامات مميزة لمكانها من النص، وقد أثبتنا كلا فى موضعه.


الصفحة التالية
Icon