لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٣٧٧
قوله جل ذكره :
[سورة الكهف (١٨) : آية ٣]
ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً (٣)
البشارة منه أنّ تلك النّعم على الدوام غير منقطعة، وأعظم من البشارة بها قوله «١» :
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٤ الى ٥]
وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً (٤) ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَ لا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً (٥)
قالتهم القبيحة نتيجة جهلهم بوحدانية اللّه، ولقد توارثوا ذلك الجهل عن أسلافهم والحيّة لا تلد إلا حيّة! كبرت كلمتهم فى الإثم لمّا خسّت فى المعنى. ومن نطق بما لم يحصل له به إذن لحقه هذا الوصف. ومن تكلّم فى هذا الشأن قبل أوانه فقد دخل فى غمار هؤلاء «٢».
قوله جل ذكره :
[سورة الكهف (١٨) : آية ٦]
فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً (٦)
من فرط شفقته - صلى اللّه عليه وسلم - داخله الحزن لامتناعهم عن الإيمان، فهوّن اللّه - سبحانه - عليه الحال، بما يشبه العتاب فى الظاهر كأنه قال له : لم كل هذا؟
ليس فى امتناعهم - فى عدّنا - أثر، ولا فى الدّين من ذلك ضرر.. فلا عليك من ذلك.
ويقال أشهده جريان التقدير، وعرّفه أنه - وإن كان كفرهم منهيّا عنه فى الشرع - فهو فى الحقيقة مراد الحق.
قوله جل ذكره :
[سورة الكهف (١٨) : آية ٧]
إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (٧)

_
(١) البشارة بالآية التالية أعظم لأن المؤمن يعلم أن اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.
(٢) فى هذه الإشارة غمزة بمن ينطقون - بدعوى المحو - بما لا يليق. [.....]


الصفحة التالية
Icon