لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٣٨١
وَ رَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ : بزيادة اليقين حتى متع نهار «١» معارفهم، واستضاءت شموس تقديرهم، ولم يبق للتردد مجال فى خواطرهم، و(...) «٢» فى التجريد أسرارهم، وتمّت سكينة قلوبهم.
ويقال «رَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ» : بأن أفنيناهم عن الأغيار، وأغنيناهم عن التفكّر بما أوليناهم من أنوار التبصّر.
ويقال ربطنا على قلوبهم بما أسكنّا فيها من شواهد الغيب، فلم تسنح فيها هواجس التخمين ولا وساوس الشياطين.
قوله جل ذكره : إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قاموا للّه باللّه، ومن قام باللّه فقد عمّا سوى اللّه.
ويقال من قام للّه، لم يقعد حتى يصل إلى اللّه.
ويقال قعدت عنهم الشهوات فصحّ قيامهم باللّه.
قوله جل ذكره : لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً، لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً.
من أحال الشيء على الحوادث فقد أشرك باللّه، ومن قال إنّ الحوادث من غير اللّه فقد اتخذ إلها من دون اللّه.
قوله جلّ ذكره :
[سورة الكهف (١٨) : آية ١٥]
هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً (١٥)
(١) متوع النهار اصطلاح يأتى فى مذهب القشيري بعد اللوائح والطوالع واللوامع، وهو يلتقى مع المعنى من حيث اللغة (يقال متع النهار أي بلغ غاية ارتفاعه).
٢) مشتبهة وهى قريبة فى الرسم من (و اتخذوا) ومصوبة فى الهامش (و انحدروا) لأجل هذا لم نستطع أن نحسم فيها برأى، وهى على العموم كلمة تفيد خلوص أسرارهم فى التجريد وإلا لما حدثت سكينة قلوبهم.