لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٣٩٢
و كشفنا لك القناع وقلنا نعم وهتكنا لك المستورا
و يقال لما زالت التّهم سلمت لهم هذه الإرادة، وتحرروا عن إرادة كلّ مخلوق وعن محبة كل مخلوق.
ويقال لمّا تقاصر لسانهم عن سؤال هذه الجملة مراعاة منهم لهيبة الرسول صلى اللّه عليه وسلم، وحرمة باب الحقّ - سبحانه - أمره بقوله :«وَاصْبِرْ نَفْسَكَ» وبقوله :
وَ لا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا أي لا ترفع بصرك عنهم، ولا تقلع «١» عنهم نظرك.
ويقال لما نظروا بقلوبهم إلى اللّه أمر رسوله - عليه السلام - بألا يرفع بصره عنهم، وهذا جزاء فى العاجل.
والإشارة فيه كأنه قال : جعلنا نظرك اليوم إليهم ذريعة لهم إلينا، وخلفا عما يفوتهم اليوم من نظرهم إلينا، فلا تقطع اليوم عنهم نظرك فإنا لا نمنع غدا نظرهم عنّا «٢».
قوله جل ذكره : وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَ اتَّبَعَ هَواهُ وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً هم الذين سألوا منه - صلى اللّه عليه وسلم - أن يخلى لهم مجلسه من الفقراء، وأن يطردهم يوم حضورهم من مجلسه - صلى اللّه عليه وسلم وعلى آله.
ومعنى قوله :«أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا» : أي شغلناهم بما لا يعنيهم.
ويقال «أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا» أي شغلناهم حتى اشتغلوا بالنعمة عن شهود المنعم.
ويقال هم الذين طوّح قلوبهم فى التفرقة، فهم فى الخواطر الرّديّة مثبتون، وعن شهود مولاهم محجوبون.

_
١) لا تقلع عنهم نظرك أي لا تكف وتبعد.
(٢) تهم هذه الإشارة فى تقدير مدى تصور الصوفية لشخصية محمد (ص).


الصفحة التالية
Icon