لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٤٢٢
أي فلمّا خرج عليهم عرّفهم - من طريق الإشارة «١» - أنّ اللسان الذي كان يخاطبهم به ليس الآن منطلقا.
قوله جل ذكره :
[سورة مريم (١٩) : الآيات ١٢ الى ١٣]
يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (١٢) وَ حَناناً مِنْ لَدُنَّا وَ زَكاةً وَ كانَ تَقِيًّا (١٣)
أي قلنا له يا يحيى خذ الكتاب بقوة منّا، خصصناك بها.. لا قوة يد ولكن قوة قلب، وذلك خير خصّه اللّه تعالى به وهو النبوة.
ودلّت الآية على أنه كان من اللّه له كتاب.
«وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا» أي النبوة، بعثه اللّه بها إلى قومه، وأوحى إليه وهو صبّى.
ويقال الحكم بالصواب والحقّ بين الناس.
ويقال الحكم هو إحكام الفعل على وجه الأمر.
قوله وَ حَناناً مِنْ لَدُنَّا أي آتيناه رحمة من عندنا، وطهارة وتوفيقا لمجلوبات التقوى وتحقيقا لموهوباتها فإن التقوى على قسمين : مجموع ومجلوب يتوصّل إليه العبد بتكلّفه وتعلّمه، وموضوع من اللّه تعالى ومرهوب منه يصل إليه العبد ببذله سبحانه وبفضله.
قوله جل ذكره :
[سورة مريم (١٩) : آية ١٤]
وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَ لَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا (١٤)
«بَرًّا بِوالِدَيْهِ»
كأمر اللّه - سبحانه - له بذلك لا لمودّة البشر وموجب عادة الإنسانية.
ولم يكن متمردا عن الحق، جاحدا لربوبيته.
قوله جل ذكره :
[سورة مريم (١٩) : آية ١٥]
وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَ يَوْمَ يَمُوتُ وَ يَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (١٥)
أي له منّا أمان يوم القيامة، ويوم ولادته فى البداية، ويوم وفاته فى النهاية، وهو أن يصونه عن الزّيغ والعوج فى العقيدة بما يشهده على الدوام من حقيقة الإلهية.
(١) كأنما يقصد القشيري إلى بيان أنّ الإشارة تغنى عن العبارة وأنها بأمر إلهى.