لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٤٣٧
قوله جل ذكره :
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٦٦ الى ٦٧]
وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَ إِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦) أَ وَ لا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً (٦٧)
أنكروا حديث البعث غاية الإنكار، فأقام الحجّة عليهم بالنشأة الأولى فقال : إن الذي قدر على خلق الخلق فى الابتداء وهم نطف ضعفاء، وقبل كانوا فى أصلاب الآباء وأرحام الأمهات ففطرهم، وعلى ما شاء صوّرهم، وفى الوقت الذي أراد - عن «١» بطون أمهاتهم أخرجهم.
قوله :«وَلَمْ يَكُ شَيْئاً» فيه دليل على صحة أهل البصائر أنّ المعدوم لم يك شيئا فى حال عدمه «٢».
ويقال أبطل لهم كلّ دعوى حيث ذكّرهم نسبهم وكونهم من العدم.
قوله جل ذكره :
[سورة مريم (١٩) : آية ٦٨]
فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَ الشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (٦٨)
نحشرهم جميعا فيجتمعون فى العرصة «٣». ثم يختلف منقلبهم فيصير قوم إلى النار ثم إلى دركات بعضها أسفل من بعض - واسم جهنم يجمع أماكنهم. ويصير قوم إلى الجنة ثم هى درجات بعضها أعلى رتبة ودرجة من بعض - واسم الجنة يشتمل على جميع مساكنهم.
ويقال التفاوت فى الجنة بين الدرجات أكثر من التفاوت بين أهل الدارين.
قوله جل ذكره :
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٦٩ الى ٧٠]
ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا (٦٩) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا (٧٠)
(١) الأصوب أن تكون (من) كما ورد فى الآية ٧٨ سورة النحل :«وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً».
(٢) وفيه ردّ على القائلين بأن المادة لا تستحدث.
٣) العرصة ساحة الدار أو صفيحة من الحديد توضع فى التنور لينضج عليها الخبز وغيره (الوسيط)