لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٤٤١
هل يقول ما يقول بتعريف منا؟ أم هل اتخذ مع اللّه عهدا؟ ليس الأمر كذلك.
ودليل الخطاب يقتضى أن المؤمن إذا ظن باللّه تعالى ظنا جميلا، أو أمّل منه أشياء كثيرة فاللّه تعالى يحققها له، ويصدق ظنّه لأنه على عهد مع اللّه تعالى، واللّه تعالى لا يخلف عهده.
قوله جل ذكره :
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٧٩ الى ٨٠]
كَلاَّ سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَ نَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا (٧٩) وَ نَرِثُهُ ما يَقُولُ وَ يَأْتِينا فَرْداً (٨٠)
كلا.. ليس الأمر على ما يقول، وليس لقولهم تحقيق، بل سنمدلهم من العذاب مدا أي سنطيل فى العذاب مدتهم.
«وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ...» لن نمتّعه بأولاده وحشمه وخدمه وقومه، ويعود إلينا منفردا عنهم.
قوله جل ذكره :
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٨١ الى ٨٢]
وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَ يَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (٨٢)
حكموا بظنهم الفاسد أنّ أصنامهم تمنعهم، وأنّ ما عبدوه من دون اللّه تعالى توجب عبادتهم لهم عند اللّه تعالى وسيلة.. وهيهات! هيهات أن تكون لمغاليط حسبانهم تحقيق، بل إذا حشروا وحشرت أصنامهم تبّرأت أصنامهم منهم، وما أمّلوا نفعا منها عاد ضررا عليهم.
ويقال طلبوا العزّ فى أماكن الذل، فأخفقوا فى الطلب، ونفوا عن المراد.
قوله جل ذكره :
[سورة مريم (١٩) : آية ٨٣]
أَ لَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣)
تؤزهم أي تزعجهم، فخاطر الشيطان يكون بإزعاج وغمّة، وخاطر الحقّ يكون بروح وسكينة، وهذه إحدى الدلائل بينهما.


الصفحة التالية
Icon