لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٤٤٣
قوله جل ذكره :
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٩٢ الى ٩٥]
وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً (٩٢) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (٩٣) لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَ عَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَ كُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (٩٥)
أنّى بالولد وهو واحد؟! وأنّى بالولادة ولا جنس له وجوبا «١» ولا جوازا؟! «لَقَدْ أَحْصاهُمْ..» : لا يعزب عن علمه معلوم، ولا ينفكّ عن قدرته - مما يصح أن يقال حدوثه - موهوم.
وَ كُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً : لا خدم يصحبهم، ولا حشم يلحقهم، كلّ بنفسه مشتغل، وعن غيره منفرد.
قوله جل ذكره :
[سورة مريم (١٩) : آية ٩٦]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (٩٦)
يجعل فى قلوبهم ودا للّه نتيجة لأعمالهم الخالصة، وفى الخبر :«لا يزال العبد يتقرب إلىّ بالنوافل حتى يحبنى وأحبه» «٢».
ويقال يجعل لهم الرحمن ودا فى قلوب عباده، وفى قلوب الملائكة، فأهل الخير والطاعة محبوبون من كلّ أحد من غير استحقاق بفعل «٣».
(١) وردت (وجودا) والأرجح ان تكون (وجوبا) لتتلاءم مع (جوازا) اى لا يجب عليه ولا يجوز فى وصفه - لتقدسه وتنزهه - ان يكون له جنس.
٢) (... فإذا أجبته كنت عينه التي يبصر بها، وسمعه الذي يسمع به، ويده التي يبطش بها) وهو حديث قدسى ورواه البخاري عن أبى هريرة، واحمد عن عائشة، والطبراني فى الكبير عن ابى امامة، وابن السنى عن ميمون، وقد اخطأ من زعم ان البخاري انفرد بروايته.
(٣) اخرج مسلم والترمذي عن ابى هريرة ان النبي (ص) قال إذا أحب اللّه عبدا نادى جبريل إنى قد أحببت فلانا فأحبه، فينادى فى السماء ثم تنزل له المحبة فى الأرض.. وذلك قوله تعالى :«سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا».
السيوطي فى إتقانه ص ١٩٩ ج ٢ ط مصطفى الحلبي.