لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٤٤٨
و قلن لنا نحن الأهلّة إنما نضىء لمن يسرى بليل ولا نقرى
يا موسى هذه النار تضىء ولكن لا تعطى لأحد منها شعلة. يا موسى هذه النار تحرق القلوب لا النفوس.
ويقال كان موسى عليه السلام فى مزاولة قبس من النار فكان يحتال كيف يأخذ منها شيئا، فبينما هو فى حالته إذ سمع النداء من الحقّ.
قوله جل ذكره :
[سورة طه (٢٠) : الآيات ١١ الى ١٢]
فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى (١١) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٢)
علم موسى أنه كلام الحق - سبحانه - لمّا سمع فيه الترتيب والتنظيم والتركيب، فعلم أنه خطاب الحق.
ويقال إنما عرف موسى - عليه السلام - أنه كلام اللّه بتعريف خصّه الحق - سبحانه - به من حيث الإلهام دون نوع من الاستدلال.
«قوله :«فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ..» فإن بساط حضرة الملوك لا يوطأ بنعل.
ويقال ألق عصاك يا موسى، واخلع نعليك، وأقم عندنا هذه الليلة ولا تبرح.
ويقال الإشارة فى الأمر بخلع النعلين تفريغ القلب من حديث الدارين، والتجرد للحقّ بنعت الانفراد.
ويقال «فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ» : تبرّأ عن نوعى أفعالك «١»، وامح عن الشهود جنسى أحوالك من قرب وبعد، ووصل وفصل، وارتياح واجتياح، وفناء وبقاء... وكن بوصفنا فإنما أنت بحقنا.
أثبته فى أحواله حتى كان كالمجرد عن جملته، المصطلم عن شواهده.

_
(١) ربما حدث سقوط، فالكلام يحتاج إلى توضيح (نوعى أفعالك) قياسا على ما ذكر فى (جنسى أحوالك) ونرجح أن نوعى الفعل هما الأمر والنهى، أو المأمور به والمزجور عنه... أو ما فى هذا المعنى.


الصفحة التالية
Icon