لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٤٥٢
و يقال جميع ما عدّد من المنافع فى العصا كان من قبل اللّه.. فكيف له أن ينسبها ويضيفها إلى نفسه، ولهذا قالوا :
يا جنّة الخلد، والهدايا إذا تهدى إليك فما منك يهدى
و يقال قال موسى لما رآها حية تهتز : لقد علمت كلّ وصف بهذه العصا، أمّا هذه الواحدة فلم أعرفها.
قوله جل ذكره : قالَ أَلْقِها يا مُوسى فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى قالَ خُذْها وَ لا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى لا عبرة بما يوهم ظاهر الأشياء فقد يوهم الظاهر بشىء ثم يبدو خلافه فى المستقبل فعصا موسى صارت حية.
ثم قال المقصود بذلك أن تكون لك آية ومعجزة لا بلاء وفتنة «١».
قوله :«قالَ خُذْها وَ لا تَخَفْ...» : أشهده - بانقلاب العصا من حال إلى حال مرة عصا ثم ثعبانا ثم عصا مرة أخرى - أنّه يثبّت عباده فى حال التلوين مرة ومرة فمن أخذ ومن ردّ، ومن جمع ومن فرق إلخ «٢».
قوله جل ذكره :
[سورة طه (٢٠) : الآيات ٢٢ الى ٢٣]
وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى (٢٢) لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى (٢٣)
كما أراه آية من خارج أراه آية من نفسه، وهى قلب يده بيضاء إذ جعلها فى جيبه من غير البرص. قال تعالى :«سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ» «٣»

_
(١) وهذا الكلام يتطبق. ذلك على الكرامة التي تظهر على يدى الولي، وهذا فرق بين المعجزة الكرامة من ناحية وبين السحر من ناحية أخرى.
(٢) حتى يصلوا إلى حال (التمكين).
(٣) آية ٥٣ سورة فصلت.


الصفحة التالية
Icon