لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٤٥٦
و يقال إنهم شاهدوا ولم يشعروا أنه لم يحترق من أخذ الجمرة وهو صبي رضيع، ثم احترق لسانه، فعلم الكلّ أن هذا الأمر ليس بالقياس. فإنه سبحانه فعّال لما يريد.
قوله جل ذكره : وَ أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي أي أحببتك. ويقال فى لفظ الناس : فلان ألقى محبته على فلان أي أحبّه. ويقال «أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي» : أي طرحت فى قلوب الناس محبة لك، فالحقّ إذا أحبّ عبدا فكلّ من شاهده أحبّه. ويقال لملاحة فى عينيه فكان لا يراه أحد إلا أحبّه.
ويقال «أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي» : أي أثبتّ فى قلبك محبتى فإن محبه العبد للّه لا تكون إلا بإثبات الحق - سبحانه - ذلك فى قلبه، وفى معناه أنشدوا :
إنّ المحبة أمرها عجب تلقى عليك وما لها سبب
قوله جل ذكره : وَ لِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي أي بمرأى منى ويقال لا أمكّن غيرى بأن يستبعدك عنى.
ويقال أحفظك من كل غير، ومن كلّ حديث سوى حديثنا. ويقال ما وكلنا حفظك إلى أحد.
قوله جل ذكره :
[سورة طه (٢٠) : آية ٤٠]
إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَ لا تَحْزَنَ وَ قَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ وَ فَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى (٤٠)
البلاء على حسب قوة صاحبه وضعفه، فكلما كان المرء أقوى كان بلاؤه أوفى «١»، وكلما كان أضعف كان بلاؤه أخف. وكانت أمّ موسى ضعيفة فردّ إليها ولدها بعد أيام، وكان يعقوب أقوى فى حاله فلم يعد إليه يوسف إلا بعد سنين طويلة.
قوله جل ذكره : وَ قَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِ

_
(١) قال صلى اللّه عليه وسلم «أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل» رواه الترمذي، وابن ماجه والحاكم عن سعد بن أبى وقاص.


الصفحة التالية
Icon