لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٤٦٢
«فَمَنْ رَبُّكُما» على التثنية، ثم قال :«يا مُوسى » فأفرده بالخطاب بعد ما قال :«فَمَنْ رَبُّكُما؟». فيحتمل أن ذلك لمشاكلة رءوس الآي، ويحتمل أن موسى كان مقدّما على هارون فخصّه بالنداء.
وإنما أجاب موسى عن هذا السؤال بالاستدلال على فعله - سبحانه فقال :«رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ» ليعلم أنّ الدليل على إثباته - سبحانه - ما دلّت عليه أفعاله.
قوله جل ذكره :
[سورة طه (٢٠) : الآيات ٥١ الى ٥٢]
قالَ فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى (٥١) قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَ لا يَنْسى (٥٢)
لا يمكننى أن أخبركم إلا بما أخبرنى به ربى، فما عرّفنى عرّفت، وما ستره علىّ وقفت.
قوله جل ذكره :
[سورة طه (٢٠) : آية ٥٣]
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَ سَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى (٥٣)
جعل الأرض مستقرا لأبدانهم، وجعل أبدانهم مستقرا لعبادته، وقلوبهم مستقرا لمعرفته «١»، وأرواحهم مستقرا لمحبته، وأسرارهم مستقرا لمشاهدته.
قوله جل ذكره :
[سورة طه (٢٠) : آية ٥٤]
كُلُوا وَ ارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (٥٤)
هيّأ لهم أسباب المعيشة، وكما انظر إليهم ورزقهم رزق دوابّهم التي ينتفعون بها،

_
(١) وردت (و أرواحهم مستقرا لعبادته) والصواب ان تكون (و قلوبهم مستقرا لمعرفته) حسبما نعرف من مذهب القشيري فى ترتيب الملكات الباطنية (انظر بحثنا فى الدكتوراه عن الإمام القشيري وتصوفه) ط مؤسسة الحلبي.


الصفحة التالية
Icon