لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٤٦٤
كذلك صفة من وسمه الحقّ بالإبعاد، لم يكن له عرفان، ولا بمال يقال إيمان، ولا يتأسّف على ما يفوته، ولا تصديق له بحقيقة ما هو بصدده.
قوله :«فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَ بَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ..» تأهّبوا لمناصبة الحقيقة وتشمّروا للمخالفة، فقصمتهم المشيئة وكبستهم القدرة، وكما قيل :
استقبلني وسيفه مسلول وقال لى واحدنا معذول
قوله جل ذكره :
[سورة طه (٢٠) : آية ٥٩]
قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَ أَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (٥٩)
فكان فى ذلك اليوم افتضاحهم «١».
قوله جل ذكره :
[سورة طه (٢٠) : آية ٦٠]
فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى (٦٠)
كان فرعون فكيد له، وأراد فارتدّ إليه، ودعا للاستعداد فأذلّ وإذ يقال بأس.
ولم يدع موسى شيئا من الوعظ والرّفق، ولم يغادر فرعون شيئا من البله والحمق، ولكن :
[سورة طه (٢٠) : الآيات ٦١ الى ٦٢]
قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَرى (٦١) فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَ أَسَرُّوا النَّجْوى (٦٢)
اعلموا أنه لا طاقة لأحد مع اللّه - سبحانه - إذا عذّبه، فحملوا مقالته على الإفك، ورموا معجزته بالسحر فقالوا :
سورة طه (٢٠) : الآيات ٦٣ الى ٦٥]
قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَ يَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى (٦٣) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَ قَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى (٦٤) قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَ إِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى (٦٥)

_
(١) يشير القشيري بذلك إلى شاهد شعرى سبق وروده :
من تحلى بغير ما هو فيه فضحته شواهد الامتحان
و يهدف إلى أن يثبت ان تزين الظاهر لا جدوى منه فى الحقيقة.


الصفحة التالية
Icon