لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٥٠١
مسلوكة بما بيّن على ألسنتهم من هداية المريدين، وقيادة السالكين، كما يسّر بهداهم الاقتداء بهم فى سيرهم إلى اللّه.
قوله جل ذكره :
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٣٢]
وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَ هُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ (٣٢)
فى ظاهر الكون السماء منيرة، والأرض مسكونة.. كذلك للنفوس أراض هى مساكن الطاعات، وفى سماء القلوب نجوم العقل وأقمار العلم وشموس التوحيد والعرفان. وكما جعلت النجوم رجوما للشياطين جعل من المعارف رجوما للشياطين. وكما أن الناس عن آياتها معرضون لا يتفكرون فالعوام عن آيات القلوب مما فيها من الأنوار غافلون، لا يكاد يعرفها إلا الخواص قوله جل ذكره :
سورة الأنبياء (٢١) : آية ٣٣]
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٣٣)
كما أن الحق - سبحانه - فى الظاهر يكوّر الليل على النهار، ويكور النهار على الليل فكذلك يدخل فى نهار البسط ليل القبض. والبسط فى الزيادة والنقصان. فكما أنّ الشمس أبدا فى برجها لا تزيد ولا تنقص، والقمر مرة فى المحاق، ومرة فى الإشراق.. فصاحب التوحيد بنعت التمكين - يرتقى عن حدّ تأمّل البرهان إلى روح البيان، ثم هو متحقق بما هو كالعيان. وصاحب العلم مرة يردّ إلى نجديد نظره وتذكّره، ومرة يغشاه غير فى حال غفلته فهو صاحب تلوين «١».
قوله جل ذكره :
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٣٤]
وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَ فَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ (٣٤)
إنك فى هذه الدنيا عابر سبيل، لكننا لم نتركك فردا فى الدنيا، ولذلك قال عليه السلام لصاحبه فى الغار : ما ظنك باثنين اللّه ثالثهما؟!».
(١) فأهل التمكين كالشمس فى ثباتها، وأهل التلوين كالقمر في تدرجه وتغير أحواله.