لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٥٠٨
لا يعرف بالمعجزات، وإنما المعجزات علم بصدق الأنبياء عليهم السلام، وذلك فرع لمعرفة الصانع.
ثم بيّن لهم أنّ ما عبدوه من دون اللّه لا يستحق العبادة، ثم إنه لم يحفل بما يصيبه من البلاء ثقة منه بأنّ اللّه هو المتفرّد بالإبداع، فلا أحد يملك له «١» ضرا من دون اللّه، فتساءلوا فيما بينهم وقالوا :
قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ أي يذكرهم بالسوء. ويحتمل أن يكون من فعله.. فاسألوه، فسألوه «٢» فقال : بل فعله كبيرهم.
فقالوا كيف ندرك الذنب عليه؟ وكيف تحيلنا فى السؤال عليه - وهو جماد؟
فقال : وكيف تستجيزون عبادة ما هو جماد لا يدفع عن نفسه السوء؟! قوله جل ذكره :
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٦٥]
ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ (٦٥)
فقال : شرّ وأمرّ «٣».. كيف تستحق أمثال هذه.. العبادة؟! فلمّا توجّهت الحجة عليهم ولم يكن لهم جواب داخلتهم الأنفة والحمية فقالوا : سبيلنا أن نقتله شرّ قتلة، وأن نعامله بما يخوفنا به من النار. فقالوا :«ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ»، فلما رموه فى النار :
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٦٩]
قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ (٦٩)
(١) الضمير فى (فسألوه) يعود على ابراهيم عليه السلام.
(٢) أي أن فى الكلام كما يقول البلاغيون - إيجاز حذف.
(٣) أي هذا عذر أقبح من الذنب.