لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٥٢٤
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٩٩]
لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَ كُلٌّ فِيها خالِدُونَ (٩٩)
القوم قالوا :«ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى » «١» فعلموا أن الأصنام جمادات، ولكن توهموا أن لها عند اللّه خطرا، وأنّ من عبدها يقرب بعبادتها من اللّه، فيبيّن اللّه لهم - غدا - بأنّها لو كانت تستحق العبادة، ولو كان لها عند اللّه خطر لما ألقيت فى النار، ولما أحرقت.
قوله جل ذكره :
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ١٠٠]
لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَ هُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ (١٠٠)
«لَهُمْ» : أي لعبدة الأصنام، «فِيها» أي فى النار، «زَفِيرٌ» لحسرتهم على ما فاتهم، «وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ» من نداء يبشرهم بانقضاء عقوبتهم.
وبعكس أحوالهم عصاة المسلمين «٢» فى النار فهم - وإن عذّبوا حينا - فإنهم يسمعون قول من يبشّرهم يوما بانقضاء عذابهم - وإن كان بعد مدة مديدة.
قوله جل ذكره :
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ١٠١]
إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (١٠١)
«سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى » : أي الكلمة بالحسنى، والمشيئة والإرادة بالحسنى، لأن الحسنى فعله، وقوله :«سَبَقَتْ» إخبار عن قدمه، والذي كان لهم فى القدم هو الكلمة التي هى صفة تعلّقت بهم فى معنى الإخبار بالسعادة.
ثم قال :«أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ» أي عن النار، ولم يقل متباعدون ليعلم العالمون أن المدار على التقدير، وسابق الحكم من اللّه، لا على تباعد العبد أو بتقرّبه.
قوله جل ذكره :
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ١٠٢]
لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَ هُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ (١٠٢)

_
(١) آية ٣ سورة (الزمر) [.....]
(٢) تسمى هذه فى علم الكلام : المنزلة بين المنزلتين وهى التي بين المؤمن والكافر، وليست عقوبة هؤلاء - كما هو شأن الكفار - على التأييد.. كما يرى القشيري.


الصفحة التالية
Icon