لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٥٣٥
بلا منتهى. الوقت واحد وكلّ واحد لما أعدّ له وافد، وعلى ما خلق له وارد..
قوله جل ذكره :
[سورة الحج (٢٢) : آية ١٨]
أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ وَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَ كَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَ مَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (١٨)
أهل العرفان يسجدون له سجود عبادة، وأرباب الجحود كلّ جزء منهم يسجد له سجود دلالة وشهادة.
وفى كل شىء له آية تدلّ على أنه واحد
قوله جل ذكره :
[سورة الحج (٢٢) : آية ١٩]
هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩)
أما الذين كفروا فلهم اليوم لباس الشرك وطرازه الحرمان، ثم صدار الإفك وطرازه الخذلان. وفى الآخرة لباسهم القطران وطرازه الهجران، قال تعالى :«اخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ».
أمّا أصحاب الإيمان فلباسهم اليوم التقوى، وتنقسم إلى اجتناب الشّرك ثم مجانبة المخالفة، ثم مباينة الغفلة، ثم مجانبة السكون إلى غير اللّه والاستبشار إلى ما سوى اللّه.
و فى الآخرة لباسهم فيها حرير، وآخرون لباسهم صدار المحبة، وآخرون لباسهم الانفراد به، وآخرون هم أصحاب التجريد فلا حال ولا مقام ولا منزلة ولا محل وهم الغرباء «١»، وهم الطبقة العليا، وهم أحرار من رقّ كل ما لحقه التكوين.

_
(١) يقول ابن الجلاء فى تعريف الصوفي : فقير مجرد عن الأسباب، كان مع اللّه بلا مكان، ولا يمنعه الحق - سبحانه - من علم كل مكان (الرسالة ص ١٤٠) ويقول الحصرى :«الصوفى لا تقله أرض ولا تظله سماء» الرسالة (الصفحة ذاتها).


الصفحة التالية
Icon