لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٥٣٨
قوله جل ذكره :
[سورة الحج (٢٢) : آية ٢٦]
وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَ طَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْقائِمِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ (٢٦)
أصلحنا له مكان البيت ومسكّناه منه وأرشدناه له، وهديناه إليه، وأعنّاه عليه، وذلك أنه رفع البيت إلى السماء الرابعة فى زمن طوفان نوح عليه السلام، ثم أمر إبراهيم عليه السلام ببناء البيت على أساسه القديم. قوله «أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً»، أي لا تلاحظ البيت ولا بناءك له.
«وَطَهِّرْ بَيْتِيَ..» يعنى الكعبة - وذلك على لسان العلم، وعلى بيان الإشارة فرّغ قلبك عن الأشياء كلّها سوى ذكره - سبحانه.
وفى بعض الكتب :«أوحى اللّه إلى بعض الأنبياء فرّغ لى بيّتا أسكنه، فقال ذلك الرسول : إلهى.. أى بيت تشغل؟ فأوحى اللّه إليه : ذلك قلب عبدى المؤمن». والمراد منه ذكر اللّه تعالى فالإشارة فيه أن يفّرّغ قلبه لذكر اللّه. وتفريغ القلب على أقسام :
أوله من الغفلة ثم من توهّم شىء من الحدثان من غير اللّه.
ويقال قد تكون المطالبة على قوم بصون القلب عن ملاحظة العمل، وتكون المطالبة على الآخرين بحراسة القلب عن المساكنة إلى الأحوال.
ويقال «وَطَهِّرْ بَيْتِيَ» : أي قلبك عن التطلع والاختيار بألا يكون لك عند اللّه حظّ فى الدنيا أو فى الآخرة حتى تكون عبدا له بكمال قيامك بحقائق العبودية.
«و يقال طَهِّرْ بَيْتِيَ» : أي بإخراج كل نصيب لك فى الدنيا والآخرة من تطلع إكرام، أو تطلّب إنعام، أو إرادة مقام، أو سبب من الاختيار والاستقبال.
ويقال طهّر قلبك للطائفين فيه من موارد الأحوال على ما يختاره الحق. «وَالْقائِمِينَ» وهى الأشياء المقيمة من مستودعات «١» العرفان فى القلب من الأمور المغيبة عن البرهان،
(١) هكذا فى م أما فى ص فهى (مستوطنات).