لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٥٤٨
قوله جل ذكره :
[سورة الحج (٢٢) : آية ٣٩]
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩)
إذا أصابهم ضرّ أو مسّهم - ما هو فى الظاهر - ذلّ من الأعادى يجرى عليهم ضيم، أو يلحقهم من الأجانب استيلاء وظلم.. فالحقّ - سبحانه - ينتقم من أعدائهم لأجلهم، فهم بنعت التسليم والسكون فى أغلب الأحوال، وتفاصيل الأقدار جارية باستئصال من يناويهم، وبإحالة الدائرة على أعاديهم. وفى بعض الأحايين ينصبهم الحقّ سبحانه بنعت الغلبة والتمكين من نزولهم بساحات من يناوئهم بحسن الظّفر، وتمام حصول الدائرة على من ناصبهم، وأخزاهم بأيديهم، وكلّ ذلك يتفق، وأنواع النصرة من اللّه - سبحانه - حاصلة، واللّه - فى الجملة - غالب على أمره.
قوله جل ذكره :
[سورة الحج (٢٢) : آية ٤٠]
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَ بِيَعٌ وَ صَلَواتٌ وَ مَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَ لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠)
المظلوم منصور ولو بعد حين، ودولة الحق تغلب دولة الباطل، والمظلوم حميد العقبى، والظالم وشيك الانتقام منه بشديد البلوى :«فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا» «١».
وقد يجرى من النّفس وهواجسها على القلوب لبعض الأولياء وأهل القصة - ظلم، ويحصل لسكّان القلوب من الأحوال الصافية عنها جلاء، وتستولى غاغة النّفس، فتعمل فى القلوب بالفساد بسبب استيطان الغفلة حتى تنداعى القلوب للخراب من «٢» طوارق الحقائق وشوارق الأحوال، كما قال قائلهم :
أنى إليك قلوبا طالما هطلت سحائب الجود فيها أبحر الحكم
فيهزم الحقّ - سبحانه - بجنود الإقبال أراذل الهواجس، وينصر عسكر التحقيق بأمداد الكشوفات. ويتجدّد دارس العهد، وتطلع شموس السّعد فى ليالى الستر، وتكنس القلوب وتتطهر من آثار ظلمة النّفس، كما قيل :

_
(١) آية ٥٢ سورة النمل.
(٢) (للخراب من طوارق الحقائق) أي بسبب خلوها من طوارق الحقائق


الصفحة التالية
Icon