لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٥٦
أراد إذا تقوّلوا بما هم فيه كاذبون، وضللوا عما كانوا فى تخلفهم به يتّصفون - فأخبروهم أنّا عرّفنا اللّه كذبكم فيما تقولون، واتضحت لنا فضائحكم، وتميّز - بما أظهره اللّه لنا - سيّئكم وصالحكم، فإنّ اللّه تعالى لا يخفى عليه شىء من أحوالكم، وستلقون غبّ أعمالكم فى آجلكم «١».
قوله جل ذكره :
[سورة التوبة (٩) : آية ٩٥]
سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٩٥)
يريد أنهم فى حلفهم باللّه لكم أن يدفع السوء من قبلكم، وليس قصدهم بذلك خلوصا فى اعتذارهم، ولا ندامة على ما احتقبوه من أوزارهم، إنما ذلك لتعرضوا عنهم...
فأعرضوا عنهم فإنّ ذلك ليس بمنجيهم مما سيلقونه غدا من عقوبة اللّه لهم، فإنّ اللّه يمهل العاصي حتى يتوهّم أنه قد تجاوز عنه، وما ذلك إلا مكر عومل به، فإذا أذاقه ما يستوجبه علم أن الأمر بخلاف ما ظنه، وما ينفع ظاهر مغبوط، والحال - فى الحقيقة - يأس من الرحمة وقنوط، وفى معناه قالوا :
و قد حسدونى فى قرب دارى منهم وكم من قريب الدار وهو بعيد!
قوله جل ذكره :
[سورة التوبة (٩) : آية ٩٦]
يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٩٦)
من كان مسخوط الحقّ لا ينفعه أن يكون مرضىّ الخلق، وليست العبرة بقول غير اللّه إنّما المدار على ما سبق من السعادة فى حكم اللّه.
قوله جل ذكره :
[سورة التوبة (٩) : آية ٩٧]
الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَ نِفاقاً وَ أَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٩٧)

_
(١) وردت (غب أعمالكم فى أعمالكم) والصواب (فى آجلكم) لأن الآية تشير لذلك.


الصفحة التالية
Icon