لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٥٧٧
رخصة الشريعة - مما كان حلالا فى وقتهم، مطلقا مأذونا لهم فيه. وكذلك أعمالهم الصالحة ما كان موافقا لأمر اللّه فى زمانهم بفنون طاعاتهم فى أفعالهم وعقائدهم وأحوالهم.
قوله جل ذكره :
[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ٥٢]
وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ أَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (٥٢)
معبودكم واحد، ونبيّكم واحد، وشرعكم واحد فأنتم فى الأصول شرع سواء، فلا تسلكوا ثنيات الطرق «١» فتطيحوا فى أودية الضلالة. وعليكم باتباع سلّفكم، واحذروا موافقة ابتداع خلفكم.
«وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ» خافوا مخالفة أمرى، واعرفوا عظيم قدرى، واحفظوا فى جريان التقدير سرّى، واستديموا بقلوبكم ذكرى، تجدوا فى مآلكم غفرى، وتحظوا بجميل برّى.
قوله جل ذكره :
[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ٥٣]
فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٥٣)
فمستقيم على حقّه، وتائه فى غيّه، ومصرّ على عصيانه وفسقه، ومقيم على إحسانه وصدقه، كلّ مربوط بحدّه، موقوف بما قسم له فى البداية من شأنه، كلّ ينتحل طريقته ويدّعى بحسن طريقته حقيقة، وعند صحو سماء قلوب أرباب التوحيد لا غبار فى الطريق وهم على يقين معارفهم فلا ريب يتخالجهم ولا شبهة.
وأهل الباطل فى عمى جهلهم، وغبار جحدهم، وظلمة تقليدهم، ومحنة شكهم.
قوله جل ذكره :
[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ٥٤]
فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (٥٤)
إنّ مدة أخذهم لقريبة، والعقوبة عليهم - إذا أخذوا - لشديدة، ولسوف يتبين لهم خطؤهم من صوابهم.
قوله جل ذكره :
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٥٥ الى ٥٦]
أَ يَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِينَ (٥٥) نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ (٥٦)
.
(١) ثنية الطريق - منعطفه.