لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٥٧٩
قوله جل ذكره :
[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ٦٠]
وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ (٦٠)
يخلصون فى الطاعات من غير إلمام بتقصير، أو تعريح فى أوطان الكسل، أو جنوح إلى الاسترواح بالرّخص. ثم يخافون كأنهم ألمّوا بالفواحش، ويلاحظون أحوالهم بعين الاستصغار، والاستحقار، ويخافون بغتات التقدير، وقضايا السخط، وكما قيل :
يتجنّب الآثام ثم يخافها فكأنّما حسناته آثام
قوله جل ذكره :
[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ٦١]
أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ هُمْ لَها سابِقُونَ (٦١)
«١» مسارع بقدمه من حيث الطاعات، ومسارع بهممه من حيث المواصلات، ومسارع بندمه من حيث تجرّع الحسرات، والكلّ مصيب، وللكلّ من إقباله - على ما يليق بحاله - نصيب.
قوله جل ذكره :
[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ٦٢]
وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَ لَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ (٦٢)
المطالبات فى الشريعة مضمّنة بالسهولة، وأمّا مطالبات الحقيقة فكما قالوا : ليس إلّا بذل الروح، ولهذا فهم لا تشغلهم الترّهات «٢». قال لأهل الرخص والمستضعفين فى الحال :
«وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» «٣»، وأمّا أرباب الحقائق فقال :«وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ» «٤» وقال :«وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ» «٥»، وقال :«وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ «٦»».

_
(١) في س أخطأ الناسخ إذ زاد (لهم) بعد يسارعون.
(٢) الترهات جمع ترهة وهى القول الباطل الذي لا نفع فيه، أو الطريق الصغيرة المتشعبة عن الطريق الأعظم.
(٣) آية ٧٨ سورة الحج.
(٤) آية ٢٨٤ سورة البقرة.
(٥) آية ١٥ سورة النور.
(٦) آية ٧٨ سورة الحج.


الصفحة التالية
Icon