لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٥٨٤
قوله جل ذكره :
[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ٧٩]
وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٩)
الابتداء للحادثات من اللّه بدعا، والانتهاء إليه عودا، والتوحيد ينتظم هذه المعاني فتعرف أنّ الحادثات باللّه ظهورا، وللّه ملكا، ومن اللّه ابتداء، وإلى اللّه انتهاء.
قوله جل ذكره :
[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ٨٠]
وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ وَ لَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ (٨٠)
يحيى النفوس ويميتها والمعنى فى ذلك معلوم، وكذلك يحيى القلوب ويميتها فموت القلب بالكفر والجحد، وحياة القلب بالإيمان والتوحيد، وكما أنّ للقلوب حياة وموتا فكذلك للأوقات موت وحياة، فحياة الأوقات بيمن إقباله، وموت الأوقات بمحنة إعراضه، وفى معناه أنشدوا :
أموت إذا ذكرتك ثم أحيا فكم أحيا عليك وكم أموت
قوله :«وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ» فليس كلّ اختلافها فى ضيائها وظلمتها، وطولها وقصرها، بل ليالى المحبين تختلف فى الطول والقصر، وفى الروح والنوح فمن الليالى ما هو أضوأ من اللآلى، ومن النهار ما هو أشدّ من الحنادس، يقول قائلهم : ليالىّ بعد الظاعنين شكول.
ويقول قائلهم :
و كم لظلام الليل عندى من تخبّر أنّ المانوية تكذّب
و قريب من هذا المعنى قالوا :
ليالى وصال قد مضين كأنّها لآلى عقود فى نحور الكواعب
و أيام هجر أعقبتها كأنّها بياض مشيب فى سواد الذوائب


الصفحة التالية
Icon