لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٦٠٠
هؤلاء فى استحقاق الذمّ أقبح منزلة، وأشدّ وزرا حيث أحبوا افتضاح المسلمين، ومن أركان الدين مظاهرة المسلمين، وإعانة أولى الدّين، وإرادة الخير لكافة المؤمنين.
والذي يودّ فتنة للمسلمين فهو شرّ الخلق، واللّه لا يرضى منه بحاله، ولا يؤهله لمنال خلاصة التوحيد.
قوله جل ذكره :
[سورة النور (٢٤) : آية ٢٠]
وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (٢٠)
كرّر قوله :«وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ..» ليبيّن للجميع أنّ حسن الدفع عنهم كان بفضله ورحمته وجميل المنح لهم، وكلّ يشهد حسن المنح ويشكر عليه، وعزيز عبد يشهد حسن الدفع عنه فيحمده على ذلك «١».
قوله جل ذكره :
سورة النور (٢٤) : آية ٢١]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَ مَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَ لكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢١)
إذا تنقى القلب عن الوساوس، وصفا عن الهواجس بدت فيه أنوار الخواطر، فإذا سما وقت العبد عن ذلك سقطت الخواطر، وبدت فيه أحاديث الحق - سبحانه - كما قال فى الخبر :«لقد كان فى الأمم محدّثون فإن يكن فى أمتى فعمر». وإذا كان الحديث منه فذلك يكون تعريفا يبقى مع العبد، ولا يكون فيه احتمال ولا إشكال ولا إزعاج، وصاحبه يجب أن يكون أمينا، غير مظهر لسرّ ما كوشف به «٢» قوله جل ذكره : وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَ لكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
(١) أي يكثر فى الحياة من يشكر على نعمة المنح ويقل من يشكر على نعمة الدفع لأن الأولى تجرى بأثر ملموس، والثانية تجرى ولا يكاد يشعر بها المرء.
(٢) هنا نجد القشيري يطالب بالكتمان دون الإفصاح ففى الكتمان حفظ للأمانة.