لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٦٠٢
قوله جل ذكره : أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ هذا من كمال تلطفه - سبحانه. وفى الخبر : أن اللّه لما أنزل هذه الآية قال أبو بكر - رضى اللّه عنه :«بلى، أحبّ يا رب»، وعفا عن مسطح. وإن اللّه لا يغادر فى قلوب أوليائه كراهة من غيرهم، وأنّى بالكراهة من الخلق والمتفرّد بالإيجاد اللّه؟! وفى معناه أنشدوا :
ربّ رام لى بأحجار الأذى لم أجد بدّا من العطف عليه
فعسى أنّ يطلع اللّه على قدح القوم فيدنينى إليه
قوله جل ذكره :
[سورة النور (٢٤) : آية ٢٣]
إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٢٣)
بالغ فى توعده لهم حيث ذكر لفظ اللعنة فى شأنهم.
ووصف المحصنات بالغفلة : أي بالغفلة عما ينسبن إليه فليس الوصف على جهة الذمّ، ولكن لبيان تباعدهن عمّا قيل فيهن.
واستحقاق القذفة للعنة - فى الدنيا والآخرة - يدل على أنه لشؤم زلتهم تتغير عواقبهم، فيخرجون من الدنيا لا على الإسلام «١».
قوله جل ذكره :
[سورة النور (٢٤) : آية ٢٤]
يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤)
تشهد عليهم أعضاؤهم بما عملوا من غير اختيار منهم، ثم كما تشهد بعض أعضائهم عليهم تشهد بعض أعضائهم لهم، فالعين كما تشهد : أنه نظر بي، تشهد بأنه بكى بي.. وكذلك سائر الأعضاء.
(١) عن ابن عباس رضى اللّه عنه : من أذنب ذنبا ثم تاب منه قبلت توبته إلا من خاض فى أمر عائشة.
وهذا تعظيم ومبالغة في أمر الإفك.