لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٦٢٩
[سورة الفرقان (٢٥) : آية ١١]
بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَ أَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً (١١)
فهم فى حكم اللّه من جملة الكفار، واللّه أعدّ لهم ولأمثالهم من الكفار وعيد الأبد..
فلا محالة يمتحنون به.
قوله :«انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا» : دليل على جواز التكليف بما لا يقدر عليه العبد فى الحال لأنه أخبر أنهم لا يستطيعون سبيلا، وهم معاتبون مكلّفون.
قوله جل ذكره :
[سورة الفرقان (٢٥) : آية ١٢]
إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَ زَفِيراً (١٢)
فوحشة النار توجد من مسافة بعيدة قبل شهودها والامتحان بها، ونسيم الجنة يوجد قبل شهودها والدخول فيها، والنار تسجّر منذ سنين قبل المحترقين بها، والجنة تزيّن منذ سنين قبل المستمتعين بها. وكذب من أحال «١» وجودهما قبل كون سكانهما وقطانهما من المنتفعين أو المعاقبين، لأن الصادق أخبر عن صفاتهما التي لا تكون إلا بموجود حيث قال :
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ١٣ الى ١٤]
وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً (١٣) لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَ ادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً (١٤)
راحة الجنة مقرونة بسعتها، ووحشة النار مقرونة بضيقها، فيضيّق عليهم مكانهم، ويضيّق عليهم قلوبهم، ويضيق عليهم أوقاتهم. ولو كانت حياتهم تبطل وكانوا يتخلصون

_
١) لهذا الرأى أهميته حيث يرى كثير من المعتزلة أن الجنة والنار لا يوجدان الآن وإنما يوجدان فى الآخرة عند الجزاء، وأجمع المعتزلة - بخلاف جهم وحده - أنهما لا تفنيان ولا يفنى أهلهما، وهم في هذا يتفقون مع الأشاعرة. أما مخالفة جهم لذلك فقد ذكرها الشهرستاني فى (الملل والنحل ج ١ ص ١١١ ط الخانجى) بدعوى أن تلذذ أهل الجنة بنعيمها وتألم أهل النار بجحيمها حركات تتناهى مع أن نصوص القرآن صريحة فى دوامهما.. والقشيري الأشعري يصرح بذلك فى الآيات التالية.


الصفحة التالية
Icon