لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٦٣٣
لنا أعمال أهل الدارين ثم لا تقبل منها ذرة وهو يقول بسببها : وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ...»! لأنهم إذا تخلصوا من مواضع الخلل وموجبات الخجل من أعمالهم عدّوا ذلك من أجلّ ما ينالون من الإحسان إليهم «١»، وفى معناه أنشدوا :
سأرجع من حجّ عامى مخجلا لأنّ الذي قد كان لا يتقبّل «٢»
قوله جل ذكره :
[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٢٤]
أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلاً (٢٤)
أصحاب الجنة هم الراضون بها، الواصلون إليها، والمكتفون بوجدانها، فحسنت لهم أوطانهم، وطاب لهم مستقرّهم.
قوله جل ذكره :
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٢٥ الى ٢٦]
وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَ نُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً (٢٥) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَ كانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً (٢٦)
يريد يوم القيامة إذا بدت أهوالها، وظهرت للمبعوثين أحوالها عملوا وتحققوا - ذلك اليوم - أنّ الملك للرحمن، ولم يتخصص ملكه بذلك اليوم، وإنما علمهم ويقينهم حصل لهم ذلك الوقت.
ويقال تنقطع دواعى الأغيار، وتنتفى أوهام الخلق فلا يتجدّد له - سبحانه - وصف ولكن تتلاشى للخلق أوصاف، وذلك يوم على الكافرين عسير، ودليل الخطاب يقتضى أنّ ذلك اليوم على المؤمنين يسير وإلا بطل الفرق فيجب ألا يكون مؤمن إلّا وذلك اليوم يكون عليه هينا.
قوله جل ذكره :
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٢٧ الى ٢٨]
وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (٢٧) يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (٢٨)
«٣»

_
(١) هذه إشارة دقيقة غاية الدقة، نأمل أن يفطن إليها القارئ ويستمتع بها.
(٢) معنى البيت مرتبط بالفكرة الصوفية أن عمل الإنسان لا قيمة له، والأمل كله معقود على الفضل الإلهى، فكلما استصغر العابد عبادته بجانب هذا الفضل شعر بقصوره وارتقى فى التجريد والتفويض منزلة بعد منزلة.. وفى هذا تقول رابعة بعد عبادة ليلة كاملة : إن استغفارنا فى حاجة إلى استغفار. [.....]
(٣) قيل نزلت هذه الآية فى أبى بن خلف، وقد قتله الرسول (ص) يوم أحد فى مبارزة، وقيل نزلت فى عقبة بن أبى محيط وكان محالفا لأبىّ.


الصفحة التالية
Icon