لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٦٣٧
به قوم لوط حيث عملوا الخبائث... كل ذلك تطييبا لقلبه صلى اللّه عليه وسلم، وتسكينا لسرّه، وإعلاما وتعريفا بأنه سيهلك من يعاديه، ويدمّر من يناويه، وقد فعل من ذلك الكثير فى حال حياته، والباقي بعد مضيّه - عليه السلام - من الدنيا وذهابه.
قوله جل ذكره :
[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٤١]
وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَ هذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً (٤١)
كانت تكون له سلوة لو ذكر حالته وشكا إليه قصته، فإذا أخبر اللّه وقصّ عليه ما كان يلاقيه كان أوجب للسّلوة وأقرب من الأنس، وغاية سلوة أرباب المحن أن يذكروا لأحبائهم ما لقوا فى أيام امتحانهم كما قال قائلهم :
يودّ بأن يمشى سقيما لعلّها إذا سمعت منه بشكوى تراسله
و يهتزّ للمعروف فى طلب العلى لتذكر يوما عند سلمى شمائله
و أخبر أنهم كانوا ينظرون إليه - عليه السلام - بعين الإزدراء والتصغير لشأنه لأنهم كانوا لا يعرفون قدره، قال تعالى :«و تراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون» «١».
قوله جل ذكره :
[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٤٣]
أَ رَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَ فَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً (٤٣)
كانوا يعبدون من الأصنام ما يهوون يستبدلون صنما بصنم، وكانوا يجرون على مقتضى ما يقع لهم. والمؤمن بحكم اللّه لا بحكم نفسه، وبهذا يتضح الفرقان «٢» بين رجل وبين رجل.
والذي يعيش على ما يقع له فعابد هواه، وملتحق بالذين ذكرهم الحقّ بالسوء فى هذه الآية.
قوله جل ذكره :
[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٤٤]
أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (٤٤)

_
(١) آية ١٩٨ سورة الأعراف.
(٢) فرق بين الشيئين فرقا وفرقانا. والفرقان البرهان والحجة، وكل ما فرق به بين الحق والباطل.


الصفحة التالية
Icon