لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٦٨
و السجود على أقسام : سجود عند صحة القصود فيسجد بنعت التذلل على بساط الافتقار، ولا يرفع رأسه عن السجود إلا عند تباشير الوصال. وسجود عند الشهود إذا تجلّى الحقّ لقلبه سجد بقلبه، فلم ينظر بعده إلى غيره، وسجود فى حال الوجود وذلك بخموده عن كليته، وفنائه عن الإحساس بجميع أوصافه وجملته.
قوله جل ذكره : الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ هم الذين يدعون الخلق إلى اللّه، ويحذّرونهم عن غير اللّه. يتواصون بالإقبال على اللّه وترك الاشتغال بغير اللّه. يأمرون أنفسهم بالتزام الطاعات بحملهم إياها على سنن الاستقامة، وينهون أنفسهم عن اتّباع المنى والشهوات بترك التعريج فى أوطان الغفلة، وما تعودوه من المساكنة والاستنامة.
والحافظون لحدود اللّه، هم الواقفون حيث وقفهم «١» اللّه، الذين لا يتحركون إلا إذا حرّكهم ولا يسكنون إلا إذا سكنهم، ويحفطون مع اللّه أنفاسهم «٢».
قوله جل ذكره :
[سورة التوبة (٩) : آية ١١٣]
ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَ لَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١١٣)
أصل الدين التبرّى من الأعداء، والتولّى للأولياء، والولىّ لا قريب له ولا حميم، ولا نسيب له ولا صديق إن والى فبأمر، وإن عادى فلزجر.
قوله جل ذكره :
[سورة التوبة (٩) : آية ١١٤]
وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (١١٤)
(١) يكون الفعل (وقف) متعديا مثل : وقف فلانا على الأمر أي أطلعه عليه (الوسيط)
(٢) مراعاة الأنفاس من الأمور التي شغل بها الصوفية دائما، يقول الجنيد :
و ما تنفست إلا كنت مع نفسى تجرى بك الروح منى في مجاريها