لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٧٧

أقسم بهذه الأسماء إن هذا الكتاب هو الموعود لكم يوم الميثاق. والإشارة فيه أنا حققنا لكم الميعاد، وأطلنا لكم عنان الوداد وانقضى زمان الميعاد، فالعصاة ملقاة، والأيام بالسرور متلقّاة، فبادروا إلى شرب كاسات المحابّ، واستقيموا على نهج الأحباب.
قوله جل ذكره :
[سورة يونس (١٠) : آية ٢]
أَ كانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ (٢)
تعجبوا من ثلاثة أشياء : من جواز البعث بعد الموت، ومن إرسال الرسل إلى الخلق، ثم من تخصيص محمد صلى اللّه عليه وسلم بالرسالة من بين الخلق. ولو عرفوا كمال ملكه لم ينكروا جواز البعث، ولو علموا كمال ملكه لم يجحدوا إرسال الرّسل إلى الخلق، ولو عرفوا أنّ له أن يفعل ما يريد لم يتعجبوا من تخصيص محمد - صلى اللّه عليه وسلم - بالنبوة من بين الخلق، ولكن سدّت بصائرهم فتاهوا فى أودية الحيرة، وعثروا - من الضلالة - فى كل وهدة. وكان الأستاذ أبو على الدّقاق - رحمه اللّه -. يقول :
جوّزوا أن يكون المنحوت من الخشب والمعمول من الصخر «١» إلها معبودا، وتعجبوا أن يكون مثل محمد - صلى اللّه عليه وسلم - فى جلالة قدره رسولا..!! هذا هو الضلال البعيد.
قوله جلّ ذكره : وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ.
وهو ما قدّموه لأنفسهم من طاعات أخلصوا فيها، وفنون عبادات صدقوا فى القيام بقضائها.
ويقال هو ما قدّم الحقّ لهم يوم القيامة من مقتضى العناية بشأنهم، وما حكم لهم من فنون إحسانه بهم، وصنوف ما أفردهم به من امتنانهم.
ويقال :«قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ» : هو ما رفعوه من أقدامهم فى بدايتهم فى زمان
_
١) وردت (الصفر) بالفاء وهى خطأ فى النسخ.


الصفحة التالية
Icon