لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٨٤
و هو ظلم فعقوبة هذا الظلم خراب القلب، وهو انسداد طريق رجوع ذلك القلب إلى اللّه لأنه لو رجع إلى اللّه لأعانة وكفاه، ولكنه يصرّ على تعليق قلبه بالمخلوق فيبقى عن اللّه، ولا ترتفع حاجته من غيره، وكان من فقره وحاجته فى مصرّة. فإن صار إلى مضرة المذلة والحاجة إلى اللئيم فتلك محنة عظيمة.
وعلى هذا القياس إذا أحبّ مخلوقا فقد وضع محبته فى غير موضعها، وهذا ظلم وعقوبته خراب روحه لعدم صفاء ودّه ومحبته للّه، وذهاب ما كان يجده من الأنس باللّه، إذا بقي عن اللّه يذيقه الحقّ طعم المخلوقين، فلا له مع الخلق سلوة، ولا من الحقّ إلا الجفوة، وعدم الصفوة.
قوله جل ذكره :
[سورة يونس (١٠) : آية ١٤]
ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٤)
عرّفناكم بسرّ من قبلكم، وما أصابهم بسبب ذنوبهم، فإذا اعتبرتم بهم نجوتم، ومن لم يعتبر بما سمعه اعتبر به من تبعه.
ويقال أحللنا بهم من العقوبة ما يعتريكم، ومن لم يعتبر بمن سبقه اعتبر به من لحقه.
قوله جل ذكره :
[سورة يونس (١٠) : آية ١٥]
وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥)
إذا اقترحوا عليك بأن تأتيهم بما لم نأمرك به، أو تريّهم ما لم نظهر عليك من الآيات..
فأخبرهم أنّك غير مستقل بك، ولا موكول إليك فنحن القائم عليك، المصرّف لك، وأنت المتّبع لما نجريه عليك غير مبتدع لما يحصل منك.


الصفحة التالية
Icon