لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٨٦
انتظروا فى المآل الشفاعة ممن لا يوجد منه الضّرّ والنّفع فى الحال. ثم أخبر أنهم يخبرون عما ليس على الوجه الذي قالوا معلوما، ولو كان كما قالوا لعلموا أنه سبحانه لا يعزب عن علمه «١» معلوم.
و معنى قوله :«لا يَعْلَمُ» : خلافه. ومن تعلّق قلبه بالمخلوقين فى استدفاع المضارّ واستجلاب المسارّ فكالسالك سبيل من عبد الأصنام إذ المنشئ والموجد للشىء من العدم هو اللّه - سبحانه.
قوله جل ذكره :
[سورة يونس (١٠) : آية ١٩]
وَما كانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٩)
و ذلك من زمان آدم عليه السلام إلى أن تحاربوا، والحق - سبحانه - سبق قضاؤه بتأخير حسابهم إلى الآخرة، ولذلك لا يجيبهم إلى ما يستعجلونه من قيام القيامة.
وإنما اختلفوا لأنّ اللّه خصّ قوما بعنايته وقبوله، وآخرين بإهانته وإبعاده، ولو لا ذلك لما كانت بينهم هذه المخالفة.
قوله جل ذكره :
[سورة يونس (١٠) : آية ٢٠]
وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (٢٠)
أخبر أنه - عليه السلام - فى ستر الغيبة وخفاء الأمر عليه فى الجملة لتقاصر علمه عما سيحدث، فهو فى ذلك بمنزلتهم، إلا فى مواطن التخصيص بأنوار التعريف، فكما أنهم فى الانتظار لما يحدث فى المستأنف فهو أيضا فى انتظار ما يوجد - سبحانه - من المقادير.
والفرق بينه - عليه السلام - وبينهم أنه يشهد ما يحصل به - سبحانه - ومنه، وهم متطوّحون فى أودية الجهالة يحيلون الأمر مرة على الدّهر، ومرة على النجم «٢»، ومرّة على الطبع..
وكلّ ذلك حيرة وعمى.
(١) وردت (عمله) وهى خطأ فى النسخ.
(٢) المقصود بالنجم هنا الطالع والحظ من نحس وسعود.