لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٩
أولى من القيام بباب اللّه تعالى، قال تعالى فيما ورد به الخبر :«أنا جليس من ذكرنى» «١».
قوله جل ذكره :
[سورة التوبة (٩) : آية ٦]
وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (٦)
إذا استجار المشرك - اليوم - فلا يردّ حتى يسمع كلام اللّه، فإذا استجار المؤمن طول عمره من الفراق - متى يمنع من سماع كلام اللّه؟ ومتى يكون فى زمرة من يقال لهم :
«اخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ «٢»».
وإذ قال - اليوم - عن أعدائه :«فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ» فإن لم يؤمن بعد سماع كلامه نهى عن تعرضه حيث قال :«ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ» - أ ترى أنه لا يؤمّن أولياءه - غدا - من فراقه، وقد عاشوا اليوم على إيمانه ووفائه؟! كلا.. إنه يمتحنهم بذلك، قال تعالى :«لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ» «٣».
ثم قال :«ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ» فإذا كان هذا برّه بمن لا يعلم فكيف برّه بمن يعلم؟
و متى نضيّع من ينيخ ببابنا والمعرضون لهم نعيم وافر؟!
قوله جل ذكره :
[سورة التوبة (٩) : آية ٧]
كَيْفَ يَكُون ُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَ عِنْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧)
.
(١) جاء فى الرسالة ص ١١١ قال محمد الفراء سمعت الشبلي يقول :(أليس اللّه تعالى يقول :
أنا جليس من ذكرنى؟ ما الذي استفدتم من مجالسة الحق؟).
(٢) آية ١٠٨ سورة المؤمنون.
(٣) آية ١٠٣ سورة الأنبياء.